لقيام دعوى الإلغاء وتمكن القاضي الإداري المختصة من النظر فيها لابد من توفر شروط معينة ، ولابد من التمييز أثناء دراستنا لهذه الشروط بين 3 فئات من الشروط ، حيث أن القاضي لن يفصل مباشرة في موضوع الدعوى ويفحص مدى مشروعية القرار الإداري المطعون فيه لإلغائه إن كان غير مشروع ، بل أن هناك مراحل تسبق عملية الفصل في موضوع الدعوى تتطلب توفر شروط معينة .

أول ما يجب على القاضي التأكد منه هو مدى اختصاصه القضائي في نظر هذه الدعوى، فإذا كان مختصا، ينتقل إلى المرحلة الثانية حيث يتحقق من توفر وتحقق شروط قبول الدعوى، هذه المرحلة تسبق مرحلة الفصل في الموضوع وإصدار الحكم القضائي، أما إذا كان القاضي غير مختص نوعياً أو إقليمياً، فإنه يقضي مباشرة بعدم اختصاصه ولا ينتقل إلى المراحل الموالية.

الشرط الأول الذي يجب على القاضي التأكد من توفره هو شرط الاختصاص القضائي، والذي تم التطرق إليه في محاضرات سابقة.

بعد تأكل القاضي الإداري من اختصاصه في نظر دعوى الإلغاء المرفوعة أمامه فإنه - وقبل النظر في موضوع الدعوى والتأكد من مشروعية القرار الإداري من عدم مشروعيته ، وذلك بفحص مختلف أركانه وعناصره ليتأكد من وجود أحد أسباب أو حالات الإلغاء كما سنرى لاحقا - عليه قبل ذلك التأكد من توفر فئة من الشروط ، حيث أن هناك مجموعة من الشروط لابد من توفرها لقبول دعوى الإلغاء وقبول النظر فيها والفصل في موضوعها .

فشروط قبول دعوى الإلغاء هو موضوع محاضرتنا اليوم ، وتتمثل هذه الشروط في ما يلي :

ملاحظة : ينظم قانون الإجراءات المدنية والإدارية شروط قبول دعوى الإلغاء بموجب قواعد عامة ، وقد تنظم بعض هذه الشروط وتعالج بخصوصية في مجالات خاصة وبموجب نصوص خاصة .

تصنف شروط قبول دعوى الإلغاء إلى شروط عامة تشترك فيها دعوى الإلغاء مع غيرها من الدعاوى القضائية ، وشروط خاصة فقط بدعوى الإلغاء أو بقبول دعوى الإلغاء .

والشروط العامة التي تشترك فيها دعوى الإلغاء مع غيرها من الدعاوى القضائية تصنف بدورها إلى نوعين : شروط تتعلق بعرضية رفع الدعوى ، وشروط تتعلق برافع الدعوى أو بأطراف الدعوى .

في حين تتمثل الشروط الخاصة بقبول دعوى الإلغاء في :

·        القرار الإداري جوهر دعوى الإلغاء ، أي القرار المطعون في مشروعيته .

·        شرط الآجل أو الميعاد رفع الدعوى .

·        شرط التظلم الإداري إذا كان وجوبيا .

·        شرط انتفاء الدعوى الموازية .

إذا لم تتوفر هذه الشروط فإن القاضي الإداري يحكم بعدم قبول دعوى الإلغاء ،وليس برفض دعوى الإلغاء .

وفيما يلي نفصل هذه الشروط :

أولا : الشروط العامة لقبول دعوى الإلغاء

وهي الشروط التي تشترك فيها دعوى الإلغاء مع غيرها من الدعاوى ، إلا أننا سنبين الخصوصية التي تتميز بها هذه الشروط في دعوى الإلغاء ، وذلك على النحو التالي :

01/ عريضة افتتاح الدعوى :

ترفع دعوى الإلغاء أمام الجهة القضائية المختصة نوعياً وإقليمياً بناءً على عريضة افتتاح الدعوى، وتتطلب هذه العريضة مجموعة من الشروط :

أ. شرط الكتابة: يجب أن تكون عريضة افتتاح الدعوى مكتوبة، وهذا وفقاً لما جاء في قانون الإجراءات المدنية والإدارية رقم 08-09 في المادة 815، ومع ذلك، بناءً على تعديل القانون بموجب القانون رقم 22-13، أصبح من الممكن رفع الدعوى بالطريق الإلكتروني، ويتم إيداع العريضة لدى أمانة ضبط المحكمة الإدارية المختصة لتسجيلها وقيدها، مقابل وصل يُقدم للمدعي لتثبيت تسجيل العريضة ورقم قيدها في السجل ، وتسديد المصاريف القضائية، يتم تحديد تاريخ أول جلسة ويُطلب الإيداع بعدد نسخ يساوي عدد المدعى عليهم.

ب. شرط التمثيل بمحامي: قبل تعديل قانون الإجراءات المدنية والإدارية بموجب القانون رقم 22-13، كان التمثيل بمحامي شرطًا وجوبيًا أمام مختلف جهات القضاء الإداري، سواء كانت المحاكم الإدارية أو مجلس الدولة، وذلك تحت طائلة عدم قبول العريضة، وكان هذا مؤكد عليه في المادة 826، وبعد تعديل قانون الإجراءات المدنية والإدارية في عام 2022، تم إلغاء هذا الشرط أمام المحاكم الإدارية فقط، وتم الإبقاء عليه أمام مجلس الدولة والمحاكم الإدارية للاستئناف ، وفي كل الأحوال فإن الدولة والولاية والبلدية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية والمنظمات المهنية الوطنية والجهوية معفاة من التمثيل بمحامي أمام مختلف الجهات القضائية الإدارية.

جـ / البيانات الواجب توافرها في عريضة افتتاح دعوى الإلغاء

فيما يتعلق بالبيانات التي يجب أن تتضمنها عريضة افتتاح دعوى الإلغاء، فإن المادة 816 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية تشير إلى المادة 15 من نفس القانون التي تحدد هذه البيانات كمتطلبات أساسية وجوباً، وتحت طائلة عدم قبول العريضة، وتتضمن هذه البيانات:

1. تسمية الجهة القضائية التي رُفعت أمامها الدعوى.

2. اسم ولقب وموطن الخصوم المدعي والمدعى عليه، وإذا كان أحد الخصوم شخصًا معنويًا عامًا أو خاصًا، يجب توضيح تسميته وطبيعته القانونية ومقره الاجتماعي وصفة ممثله القانوني.

3. عرض موجز للوقائع والطلبات والوسائل المعتمدة لإثبات الحق، حيث يكمن الطلب الأصلي في دعوى الإلغاء لإلغاء القرار الإداري غير المشروع، وتعتبر وسيلة إثبات الحق الأهم هي القرار الإداري نفسه.

4. الإشارة إلى الوثائق والمستندات المرفقة بالعريضة، وعلى رأسها القرار الإداري، وإذا كان هناك مانع أو مبرر لعدم إرفاق العريضة بالقرار الإداري، يجب الإشارة إليه ليتمكن القاضي من توجيه أمر للإدارة لتقديم القرار الإداري طبقا للمادة 819 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية

هذه البيانات أساسية وجوهر في عريضة افتتاح دعوى الإلغاء، ويجب أن على المدعي احترامها ، وهذا تحت طائلة عدم قبول الدعوى .

د / شهر العريضة إذا كان النزاع عقاري

02/ الشروط المتعلقة برافع الدعوى

وهي شروط مشتركة بين جميع الدعاوى القضائية ، ولقد نصت على هذه الشروط المادة 13 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية ، وتتمثل في الصفة والمصلحة والإذن إذا تطلبه القانون

ما يميز دعوى الإلغاء من حيث هذه الشروط عن غيرها من الدعاوى هو أن القاضي الإداري يتعامل عند مراقبته لهذه الشروط بنوع من المرونة ، حيث يتوسع ولا يتشدد في قبول هذه الشروط ، ذلك لان دعوى الإلغاء تتعلق بالنظام العام وتهدف إلى حماية مبدأ المشروعية والنظام القانوني للدولة كما رأينا فيما سبق .

أ / شرط الصفة

يقصد بالصفة الرابطة التي تربط أطراف الخصومة بموضوعها ، ويتم إثبات الصفة بإثبات الحق واثبات الاعتداء عليه ، وتشترط الصفة في المدعي والمدعي عليها ، ويثير القاضي من تلقاء نفسه انعدام الصفة في أطراف الدعوى ، فشرط الصفة من النظام العام ، وهذا على خلاف المصلحة حيث لم تنص المادة 13 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية على أن القاضي يثير انعدام المصلحة من تلقاء نفسه ، مما يؤكد أن شرط المصلحة ليس من النظام العام .

هناك من الفقه من لا يميز بين الصفة والمصلحة ويعتبرهما أمرا واحدا ، وهناك من يعتبر أن الصفة هي عنصر في المصلحة ، إلا أننا لن نخوض في هذا النقاش لان المشرعة فصل في الأمر ونظم الشرطين بشكل مستقل .

ب / شرط المصلحة

ويقصد بالمصلحة الفائدة من رفع الدعوى ، حيث يهدف المدعي إلى حماية حقوقه ومراكزه القانونية من أي اعتداء ، ويؤخذ هذا الشرط بمفهومه الواسع حيث لا يتشدد القاضي في رقابته ، ويشترط في المصلحة أن تكون شخصية ومباشرة ويمكن أن تكون مصلحة مادية أو معنوية ، كما ينبغي أن تكون محققة قائمة ومؤكدة وفي نفس الوقت تُقبل المصلحة المحتملة أو المستقبلية ، كما يشترط في المصلحة أن تكون حالة قائمة وقت رفع الدعوى ، وكقاعدة عامة يفترض أن تكون المصلحة مستمرة طوال سير الدعوى إلا أنه في مجال دعوى الإلغاء لا يشترط استمرار المصلحة بل يكتفى بتوفرها وقت رفع الدعوى ، حيث تستمر دعوى الإلغاء في السير ولو انعدمت المصلحة بعد رفعها لأنه وكما أكدنا دائما دعوى الإلغاء تهدف إلى حماية مبدأ المشروعية والنظام القانوني للدولة ، وهي من النظام العام حيث أنها دعوى عينية موضوعية وليست دعوى شخصية ذاتية .

جـ / شرط الإذن

في بعض الحالات يتطلب ويشترط القانون لرفع الدعوى ضد أشخاص معينين الحصول على الإذن من الهيئات التي يتبعونها ، فهذا الشرط يجب أن يتوفر في رافع الدعوى إذا تطلبه القانون وهو كذلك من النظام العام يثيره القاضي من تلقائي نفسه .

ثانيا : الشروط الخاصة بقبول دعوى الإلغاء

بالإضافة إلى الشروط العامة التي تشترك فيها دعوى الإلغاء مع غيرها من الدعاوى القضائية الأخرى ، لا يمكن قبول النظر في دعوى الإلغاء إلا بعد توفر شروط أخرى خاصة فقط بهذه الدعوى ، وهي على النحو التالي :

01/ شرط القرار الإداري

والقرار الإداري الذي هو جوهر دعوى الإلغاء هو كل عمل قانوني صادر عن الإدارة العامة بإرادتها المنفردة بقصد إحداث اثر قانوني بإنشاء أو تعديل أو إلغاء مركز قانوني ، فالقرار الإداري هو عمل قانوني وليس عملا ماديا ، كما أنه عمل انفرادي صادر عن الإرادة المنفردة للإدارة العامة ، وهو ما يميز القرار الإداري عن العقد الإداري ، والقرار الإداري الذي يعتبر محلا لدعوى الإلغاء يجب أن يكون تنفيذيا ملزما ، أي يحدث آثار قانونية ويلحق الأذى بذاته كونه يؤثر سلبا على المراكز القانونية .

ويشترط لقبول دعوى الإلغاء إرفاق عريضة الدعوى بالقرار الإداري وإذا كان هناك مانع مبرر يستطيع القاضي الإداري إصدار أمر للإدارة يكلفها بتقديم القرار الإداري ، وهذا طبقا لنص المادة 819 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية .

وبما أن صدور القرار الإداري عن الإدارة العامة يعتبر أحد أهم مقوماته فإنه يتم استبعاد الأحكام القضائية الصادرة عن المحاكم ، وكذلك الأعمال البرلمانية الصادرة عن البرلمان من مجال دعوى الإلغاء إلا ما تعلق بالتنظيم الإداري الداخلي للمحاكم والبرلمان باعتبارها مؤسسات عمومية إدارية ، كما يستبعد من مجال دعوى الإلغاء القرارات الصادرة عن المؤسسات الاقتصادية والجمعيات والأشخاص الخاصة إلا إذا كانت في إطار تسير المرافق العامة أو كانت تتضمن امتيازات غير مألوفة ، أي امتيازات السلطة العامة وشروطا تنظيمية ، كما هو الحال في قرارات الهيئات المهنية الوطنية والجهوية حيث تعتبر هذه الأخيرة حسب رأي بعض الفقهاء ليست إدارة عامة إلا أن قراراتها تعتبر قرارات إدارية لما تحتويه من شروط تنظيمية تعكس امتيازات السلطة العامة ، بالإضافة إلى هذا كله يستبعد كذلك من مجال دعوى الإلغاء أعمال السيادة والتي تطرقنا إليها بالتفصيل فيما سبق .

02/ شرط الميعاد أو أجل رفع دعوى الإلغاء

نظمت المادة 829 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية أجل رفع دعوى الإلغاء محددة إياه بأربعة (04) أشهر من تاريخ العلمي بالقرار الإداري ، ويتحقق العلم بالقرار الإداري حسب نوع القرار الإداري ، فإذا كان القرار الإداري فرديا فيتحقق العلم به بتبليغه تبليغا شخصيا رسميا ، أما إذا كان القرار قرارا تنظيما فيتم العلم به عن طريق نشره .

وعليه فإن دعوى الإلغاء لا ترفع في أي وقت بل لابد من احترام أجل محدد ترفع خلاله هذه الدعوى ، وإذا رفعت هذه الدعوى بعد فوات هذا الأجل فإنه يتم الحكم بعدم قبول دعوى الإلغاء لانقضاء أجلها ، وعلى خلاف بعض الدول حدد المشرع الجزائري أجل رفع الدعوى بأربعة (04) أشهر وليس بـ 60 يوما والعبرة بالأشهر وليس الساعات أو الأيام ، فلا نقول إن أجل رفع الدعوى هو 120 يوما بل يجب أن نحترم أربع أشهر سواء كان الشهر 28 أو 29 أو 30 أو 31 يوما، وتحديد أجل أربع أشهر هنا هي قاعدة عامة قد ترد عليها قواعد خاصة في بعض الحالات والمثال على ذلك ترفع دعوى الإلغاء فيما يخص قرارات نزع الملكية في أجل شهر واحد وهذا تطبيقا لنص المادة 13 من قانون نزع الملكية رقم 91 - 11 وهي قاعدة خاصة تقيد القاعدة العامة الواردة في قانون الإجراءات المدنية والإدارية .

يعتبر التبليغ والنشر ونظرية العلم اليقين كذلك وسائل للعلم بالقرار الإداري حيث يبتدئ احتساب أجل رفع الدعوى من تاريخ التبليغ أو النشر أو تحقق العلم اليقين

يجب أن يبلغ القرار الفردي الذي يخاطب الأشخاص بذواتهم تبليغا شخصيا ورسميا ، أما القرار الإداري التنظيمي الذي يتضمن قواعد عامة ومجردة ويخاطب الأشخاص بصفاتهم فيتم نشره في الجرائد الرسمية إذا تعلق الأمر بالقرارات الإدارية المركزية كالمراسم الرئاسية والتنفيذية والقرارات الوزارية ، أما إذا تعلق الأمر بالقرارات الإدارية المحلية فيتم نشرها في النشرات الرسمية واللوحات المخصصة لذلك .

أما عن نظرية العلم اليقيني ، والتي تعني وجود دلائل وقرائن وملابسات تثبت تحقق علم المخاطب بالقرار الإداري بأن هناك قرارا إداريا يخصه قد صدر ، فإن المشرع الجزائري لم يأخذ بهذه النظرية إلا أن القضاء الإداري الجزائري كان متذبذبا في موقفه حول الأخذ بهذه النظرية من عدم الأخذ بها ، فمثلا نجد الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا 1996 لم تأخذ بنظرية العلم اليقيني أما مجلس الدولة الجزائري سنة 2000 أخذ بها ، ولو أن القضاء الجزائري يميل إلى التقليل من الأخذ بهذه النظريات وفي حالة الأخذ بها فإن أجل أربع أشهر يحسب من تاريخ التأكد أو إثبات العلم بالقرار الإداري .

وفي كل الحالات يجب أن يتحقق العلم بكل عناصر القرار الإداري

أما عن كيفية احتساب هذا الأجل - أجل أربع أشهر - فقد حددت المواد 404 و 405 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية كيفية احتساب الأجل ، حيث يبدأ الاحتساب من اليوم التالي ليوم التبليغ وينتهي في اليوم الذي يلي اليوم الأخير من الأجل ، ويعتد بأيام العطل التي داخل الأجل ، أما إذا كانت أيام العطل في بداية أو نهاية الأجل فلا يعتد بها ويمتد الأجل إلى اليوم الموالي ، وفيما يخص المقيمين خارج الوطن فيمتد الأجل إلى ستة (06) أشهر ، حيث يتم إضافة شهرين إضافيين .

كما أن هناك مجموعة من القرارات الإدارية تستثنى من قاعدة الأجل ، حيث يمكن رفع دعوى الإلغاء ضدها في أي وقت دون التقيد بأجل أربع أشهر وهي كالتالي :

-         القرار الإداري المنعدم ، أي القرار الإداري المعيب بعيب عدم الاختصاص الجسيم

-         القرار الإداري الصادر بناء على غش وتدليس أو تزوير

-         القرار الإداري المستمر

-         القرار الإداري السلبي

انقطاع ووقف أجل رفع دعوى الإلغاء

قبل تعديل قانون الإجراءات المدنية والإدارية سنة 2022 بموجب القانون 22 - 13 كان أجل رفع دعوى الإلغاء ينقطع في أربع حالات ولا توجد حالات لوقفه وهذا طبق لنص المادة 832 ، وتتمثل هذه الحالات فيما يلي :

-         رفع الدعوى أمام جهة قضائية إدارية غير مختصة

-         طلب المساعدة القضائية بتكليف محامي أو بالإعفاء من المصاريف القضائية

-         وفاة أو تغير أهلية المدعي

-         القوة القاهرة أو الحادث المفاجئ

لكن المشرع الجزائري أعاد النظر في هذه الحالات وقام بتعديل نص المادة 832 وأورد حالات لوقف الأجل وحالات لانقطاعه وذلك على النحو التالي :

تتمثل حالات انقطاع أجل رفع دعوى الإلغاء في حالتي : رفع الدعوى أمام الجهة القضائية غير المختصة وكذلك في حالة وفاة أو تغير أهلية المدعي .

والمقصود بانقطاع الأجل هو أن الأجل يحتسب من جديد بعد زوال حالة انقطاعه ولا يعتد بالأجل الذي مر قبل حدوث حالة الانقطاع ، ويعاد احتساب الأجل بالنسبة للحالة الأولى من تاريخ صدور الحكم بعدم اختصاص الجهة القضائية التي رفعت أمامها الدعوى ، وفي الحالة الثانية من تاريخ تعيين الورثة أو من تاريخ صدور الحكم في دعوى الحجر المرفوعة ضد من تغيرت أهليته ، حيث يتضمن هذا الحكم تكليف شخص ما بتولي شؤون من فقد أو تغيرت أهليته

في حين تمثلت حالات وقف أجل رفع دعوى الإلغاء في حالة طلب المساعدة القضائية وحالة القوة القاهرة أو الحادث المفاجئ .

والمقصود بوقف الأجل هو أن الأجل الذي مر قبل حدوث حالة الوقف يعتد به وبانتهاء حالة الوقف يتم استكمال الأجل المتبقي ولا يعاد احتسابه من جديد على عكس الانقطاع ، ويتم الاستمرار في احتساب الأجل في الحالة الأولى بمجرد صدور الحكم الفاصل في طلب المساعدة القضائية وفي الحالة الثانية بزوال القوة القاهرة أو الحادث المفاجئ


جدول توضح حالات الوقف وحالات الانقطاع
حالات انقطاع أجل رفع دعوى الإلغاء حالات وقف أجل رفع دعوى الإلغاء
رفع الدعوى أمام جهة قضائية غير مختصة تقديم طلب المساعدة القضائية
وفاة أو تغير أهلية المدعي القوة القاهرة أو الحادث المفاجئ

وفي الأخير تجدر الإشارة إلى منصة عليه المادة 831 من أنه لا يمكن الاحتجاج بأجل رفع دعوى الإلغاء إلا إذا تم الإشارة إليه في تبليغ القرار الإداري

03/ شرط التظلم الإداري إذا كان وجوبيا

والتظلم الإداري هو التماس أو طلب يقدم إلى الإدارة العامة لمراجعة أو إعادة النظر في قرارها الإداري والقيام بسحبه أو إلغائه ، وقد يكون التظلم ولائيا إذا قدم إلى الجهة مصدرة القرار الإداري ، ويكون رئاسيا إذا قدم إلى الجهة التي تعلو الجهة الإدارية مصدرة القرار الإداري

كان التظلم الإداري في قانون الإجراءات المدنية للسنة 1966 شرطا وجوبيا وإلزاميا لرفع دعوى الإلغاء في كل الحالات ، إلا أنه وبموجب تعديل قانون الإجراءات المدنية سنة 1990 أصبح هذا الشرط وجوبيا فقط فيما يخص دعاوى الإلغاء الخاصة بالقرارات الإدارية المركزية أما القرارات الإدارية المحلية فقد كان يشترط فيها الصلح ، وبصدور قانون الإجراءات المدنية والإدارية 08 - 09 أصبح هذا الشرط شرط جوازيا اختياريا كقاعدة عامة إلا إذا تطلبته نصوص خاصة وتم تنظيم هذا الشرط الاختياري بموجب المادة 830 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية

ولفقد أجازت هذه المادة تقديم تظلم إداري في نفس أجل رفع دعوى الإلغاء ، أي أربع أشهر من تاريخ العلمي بالقرار الإداري ، وإذا اختار المدعي تقديم تظلم إداري خلال هذا الأجل يكون له انتظار رد الإدارة في أجل شهرين من تقديم التظلم الإداري فإذا ردت الإدارة على التظلم الإداري وأصدرت قرارا الإداريا جاز للمدعي رفع دعوى الإلغاء خلال شهرين من تاريخ صدور هذا القرار وإذا لم ترد وانتهت فترة الشهرين الممنوحة لرد الإدارة يعتبر سكوتها قرارا ضمنيا بالرفض وبانتهاء هذين الشهرين يبدأ احتساب شهرين لرفع دعوى الإلغاء ، ويفهم من هذا أن أجل رفع دعوى الإلغاء من الممكن أن يمتد إلى ثمانية (08) أشهر كأقصى حد

والملاحظ أن التظلم الذي نص عليه المشرع الجزائري في هذه المادة هو تظلم ولائي يقدم إلى الإدارة مصدرة القرار الإداري ، وينبغي أن يكون التظلم شاملا لكل عناصر القرار الإداري وفي حالة عدم رد الإدارة فإن هذا التظلم يرفق بعريضة افتتاح دعوى الإلغاء على أن يثبت هذا التظلم بكل الوسائل المكتوبة وهذا طبقا لنص المادة 830 وبهذا يحل التظلم الإداري المتضمن لكل عناصر القرار الإداري والمثبت تسليمه وتبليغه للإدارة العامة محل القرار الإداري الذي لم تصدره الإدارة العامة ، ويعتبر التظلم الإداري بهذه الصورة بمثابة الحل في حالة وجود قرارات سلبية أو ضمنية أو شفوية وانعدام القرار المكتوب

04/شرط انتفاء الدعوى الموازية

ومفاد هذا الشرط هو أنه لا يمكن قبول دعوى الإلغاء إذا كانت هناك دعوى قضائية أخرى تحقق نفس نتائج دعوى الإلغاء ، فإن وجدت هذه الدعوى يجب رفعها هي أولا أي أن دعوى الإلغاء هي أخر حل يمكن اللجوء إليه

والسؤال المطروح هنا : هل هناك دعوى قضائية أخرى تحقق نفس نتائج دعوى الإلغاء ؟

 الحقيقة أنه لا توجد دعوى قضائية أخرى تحقق نتائج دعوى الإلغاء والمتمثلة في إلغاء القرار الإداري غير المشروع ، فالدعوى الوحيدة التي تؤدي إلى إلغاء القرار الإداري غير المشروع هي دعوى الإلغاء وحتى التظلم الإداري هو طعم إداري ولا يعتبر دعوى قضائية هذا من جهة ومن جهة ثانية فتظلم الإداري هو شرط اختياري يستطيع رافع الدعوى إغفاله ورفع دعواه مباشرة ولا يستطيع القاضي الإداري رفض النظر في دعوى الإلغاء بسبب غياب شرط التظلم الإداري ، وحتى في الحالة التي يكون فيها التظلم الإداري شرطا وجوبيا فهو شرط قائم بحد ذاته منفصل عن شرط انتفاء الدعوى الموازية

وخلاصة القول فإن هذا الشرط أي شرط انتفاء الدعوى الموازية شرط ولد ميتا

وفي الأخير وكخلاصة لهذا الموضوع نستنتج أنه ولقبول دعوى الإلغاء لابد من توفر شروط شكلية عامة تشترك فيها دعوى الإلغاء مع غيرها من الدعاوى والمتمثلة في عريضة افتتاح الدعوى وكذلك تحقق شروط رافع الدعوى هذا من جهة ، كما يجب لقبول دعوى الإلغاء وقبول النظر فيها وتطرق لموضوعها توفر شروط خاصة بهذه الدعوى ألا وهي شرط القرار الإداري الذي يعتبر جوهر دعوى الإلغاء وكذلك لابد من احترام أجل أربع أشهر لرفع دعوى الإلغاء ، وإذا كان التظلم الإداري شرطا وجوبيا فلابد من مراعاته

إذا لم تتوفر هذه الشروط قضى القاضي الإداري بعدم قبول دعوى الإلغاء ، أما إذا توفرت فهنا يمر إلى فحص موضوع الدعوى من خلال البحث في مشروعية أو عدم مشروعية القرار الإداري من خلال البحث في أسباب أو حالات الإلغاء والمتمثلة في عيوب المشروعية والتي سنتطرق لها في المحاضرة القادمة تحت عنوان الشروط الموضوعية لدعوى الإلغاء أو حالات وأسباب إلغاء القرار الإداري والمتمثلة في عيوب عدم المشروعية


آخر تعديل: السبت، 27 أبريل 2024، 6:28 PM