علم الاثار الوقائي

العومل المساعدة في ظهور علم الأثآر الوقائي

1- التّدمیر الذي حدث باسم التّطویر، والتحدیث وانجاز مشاریع التنمیة، علما أن عوامل التلف البشریة تكون نتائجھا أكثر حدة وتأثیرا على التراث الأثري من نظیراتھا الطبیعیة، إذ تشكل خطرا تخریبیا منظما باسم الثورة الصناعیة، وما تلاھا من تطورات اقتصادیة واجتماعیة وسیاسیة، حیث كانت البدایة مع المشاريع الفنية الكبرى مثل مد خطوط السكك الحدیدیة، وبناء السدود، وشق الطرقات، وتوسیع المدن الصناعیة التي ادت في كثیرمن الأحیان إلى تخریب واختفاء العدید من المواقع الأثریة والأمثلة على ذلك كثیرة، لعل من أبرزھا على الإطلاق، الحملة التّي قام بھا البارون "جورج سھاوسمنین" في مجال تحدیث مدینة باریس الفرنسیة إبان الفترة الممتدة ما بین سنتي ( 1853و (1870حیث شق شوارع جدیدة، طویلة وعریضة على حسابھدم الكثیر من المباني الأثریة القدیمة.وكذلك مشروع السد العالي بمصر؛ وما حدث في مینائي رأس الشمرا، وطرطوس، وسد الفرات والرستن في سوریا على سبیل الذكر لا التّخصیص والحصر

2 -الزحف العمراني الحدیث غیر المخطط له وما أسفر علیه من إنجاز بنیات تحتیة على حساب مقومات التّراث الأثري بداخل التجمعات السكنیة بنوعیھا الحضریة والریفیة، نزولا عند حاجة النمو الدیموغرافي المتزاید، وارتفاع نسبة الكثافة السكانیة في الحواضر، ومناطق توفّر الشغل، حیث أصبحت المجتمعات الإنسانیة الیوم بحاجة ماسة إلى متطلبات جدیدة، مثل ضرورة توفیر مباني جدیدة، ووظائف غیر مسبوقة تتماشى مع حركة التطور التكنولوجي القائم، كتنوع وسائل النقل والمواصلات الحضرية ، وتزوید السكنات عموما بالكھرباء، والغاز، والھاتف، والماء الصالح للشرب، وشبكات

الصرف الصحي، وما إلى ذلك من خدمات حضریة على حساب الآثار القدیمة في كثیر من الأحیان ،

فقد بدأت تنتشر الأحیاء بضواحي المدن، وما لبثت أن بدأت تتطور بشكل سریع لافت الانتباه، وھو في حد ذاته خطر على مراكز تلك المدن ذاتھا، التّي أصبحت مھدّدة بخطر الھدم، وتجدید بنائھا بشكل عمودي، بدل الامتداد الأفقي المعھود في الفترات التاریخیة السابقة، حیث عاد الأمر یشكل خطرا حقیقیا على مكونات ھذه المراكز، خاصة المكونات الفرعیة منھا المنطویة على القیمة الأثریة والتاریخیة .

3 -تزاید وعي المجتمع الدولي بأھمیة التراث الأثري في تخلید آثار الإنسان على ھذا الكون، والحفاظ على الھویة الثقافية والحضاریة للمجتمعات الإنسانیة، لاسیما بعد ما شاھده العالم من دمار رھیب في غضون الحربین العلمیتین الأولى والثانیة، وما نجم عنھما من تدمیر واندثار العدید من المواقع الأثریةالهامة. إذ لم تعد عملیة الحافظ على التراث تقتصر على الدولة التي یوجد بھا تلك المعالم فحسب، وإنّما ھي مھمة المجتمع الدولي ككل، مثل ما حدث مع تعبئة منظمة الیونسكو (UNESCO)في حملتھا العالمیة لحمایة معبد "أبي سنبل" الذي كان مھددا بالغرق ساعة إنشاء السد العالي في أسوان بمصر، حیث كان من الممكن أن یتسبب ھذا السد في إغراق العدید من المعالم الأثریة المھمة، المشیدة على ضفتي نھر النیل، فلولا مساھمة المجتمع الدولي في تمویل أعمال إنقاذ المعبد ونقله إلى مكان آخر أكثر أمانا لا يفتقد إلى الأبد .

4 -تطور تقنیات توثیق وأرشفة التراث الأثري، حیث استطاعت الثورة الرقمیة التي شھدھا العالم مؤخرا تغییر الكثیر من المفاھیم والوسائل، وعادت معظم الدول الیوم تعتمد اعتمادا أساسیا في عملھا

المرتبط بتسیّیر التراث الأثري وأرشفته على نظم المعلوماتیة، وھي نظم آلیة قوامھا مجموعة من التقنیات التي تعمل على استقبال موارد البیانات وتحویلھا إلى منتجات معلوماتیة مرنة التفاعل . مثل "نظام المعلومات الجغرافیة" ) (SIGالذي أصبح یستعان بھ في رسم الخرائط الرقمیة المتمیزة بالدقة المتناھیة في إسقاط المواقع الأثریة ضمن بیئتھا الاجتماعیة والطبیعیة، فضلا عن جمع المعلومات وتخزینھا في بنوك معلوماتیة خاصة، ومن ثم معالجتھا آلیا، وتحلیلھا بیانیا بشكل غیر مسبوق .

5 -*تطور المنظومة التشریعیة، والتنظیمیة للتراث الأثري على الصعیدین الوطني من خلال ما أصدرته وتصدره الدول على المستوى المحلي والإقلیمي من قوانین جدیدة في سبیل حمایة تراثھا

الأثري، وعلى الصعید الأممي ّ الذي یستند إلى مجموعة من المعاھدات والمواثیق الدولیة في ھذا الشأن. أضف إلى ذلك ظھور العدید من المنظمات الدولیة المتخصصة في ھذا المجال، حیث تعمل جاھدة على سن ّ القوانین، وعقد المؤتمرات، وتنظیم الندوات حول سبل حمایة التّراث الأثري، ووقایته من الأخطار المحدّقة به ولاسیما زحف مشاریع التّنمیة المعاصرة على حسابه، كمنظمة الأمم

المتحدة للتربیة والعلم والثقافة" ) ،(UNESCOو المركز الدولي لدراسة حفظ وترمیم الممتلكات الثقافیة ICCROM . والمجلس الدولي للمعالم التّاریخیة والمواقع الأثریة ICOMOSالتّي لا

تتوقف على عرض الخطط، والبرامج التي تعمل على تطویر الممارسات العلمیة والعملیة في خدمة للتراث الأثري

6 -اعتبار التراث الأثري كمصدر أساسي في الدّخل القومي وخاصة البللدان السیاحیة كفرنسا، وإسبانیا، وتركیا، والمغرب الأقصى، وھو بذلك عنصر مھم من عوامل الاستقطاب السیاحي بنوعیه

الدّاخلي والخارجي، وما بوسع ھذا الأخیر من تحقیقه في مجال الانتعاش الاقتصادي القومي، إذا ما أحسنت عملیة إدارته، وعقلنة عملیات استغلاله، خصوصا وأن السیاحة تعد من أھم الصناعات العالمیة

الرائجة في ھذا الوقت. ّ وبالتالي فإن التّراث الأثري عنصر فاعل في التنمیة المستدامة للمجتمعات، ولیس عائقا لھا كما یدعي بعض المستثمرین خطأ .

بلقندوز نادية :علم الاثار الوقائي مفهومه وتوجهاته ، جامعة المدية

سابقسابقمواليموالي
استقبالاستقبالاطبعاطبعتم إنجازه بواسطة سيناري (نافذة جديدة)