المحاضرة الأولى: مفهوم القانون التجاري

موقف المشرع الجزائري

حتى نستطيع تحديد موقف المشرع الجزائري من حيث نطاق تطبيق أحكام القانون التجاري، لابد من دراسة وتحليل مواده القانونية لاستقراء موقفه، فبالنظر للمادة الأولى منه التي جاء فيها أنه: ((يعد تاجرا كل شخص طبيعي أو معنوي يباشر عملا تجاريا ويتخذه مهنة معتادة له ما لم يقض القانون بخلاف ذلك)) والمادة الأولى مكرر (جديد) منه التي جاء فيها أنه: ((يسري القانون التجاري على العلاقات بين التجار، وفي حالة عدم وجود نص فيه يطبق القانون المدني وأعراف المهنة عند الاقتضاء.)) والمادة الربعة منه التي جاء فيها أنه: ((يعد عملا تجاريا بالتبعية: الأعمال التجارية التي يقوم بها التاجر والمتعلقة بممارسة تجارته أو حاجات متجره، الالتزامات بين التجار.)) نجد أن المشرع الجزائري أخذ بالنظرية الشخصية التي تعتمد على صفة التاجر لتطبيق أحكام القانون التجاري، وذلك بمناسبة قيامه بالأعمال التجارية، فالشخص غير التاجر إذا مارس عملا تجاريا ما، فإنه لا يخضع لأحكام هذا القانون الخاص بفئة التجار فقط. كما أن المشرع الجزائري نظم بنصوص خاصة الأحكام التي تسري على فئة التجار دون سواهم، ومنها أحكام التاجر القاصر، الزوج التاجر، المرأة التاجرة، مسك الدفاتر التجارية، القيد في السجل التجاري وغيرها من الأحكام. إلا أن المشرع الجزائري ما لبث أن أخذ بمفهوم النظرية الموضوعية، ويظهر لنا ذلك من خلال استقراء ما جاء في المادة الثانية من ق ت ج التي عدد فيها الأعمال التجارية بحسب موضوعها، والمادة الثالثة منه التي عدد فيها الأعمال التجارية بحسب شكلها.

وعليه يمكن القول أن المشرع الجزائري عندما أراد تحديد نطاق تطبيق أحكام القانون التجاري أخذ بالنظرية المختلطة، فزاوج بين الرؤية التي تضمنتها النظرية الشخصية والرؤية التي تضمنتها النظرية الموضوعية، وذلك بحسب ما يقتضيه الحال والمصلحة، حيث تطبق أحكام القانون التجاري الجزائري على الأعمال التجارية أيا كان القائم بها (تاجر/غير تاجر) ويطبق على فئة التجار عند ممارستهم لأعمالهم التجارية بالتبعية، فتطبيقه على الأعمال التجارية هو الأخذ بالنظرية الموضوعية وتطبيقه على فئة التجار هو الأخذ بالنظرية الشخصية، وقد تبنت هذه النظرية أغلب التشريعات المقارنة.

سابقسابقمواليموالي
استقبالاستقبالاطبعاطبعتم إنجازه بواسطة سيناري (نافذة جديدة)