المصطلح والتعريف في الدراسات المعاصرة
في الدراسات المعاصرة، ﻫﻨﺎك إﺟﻤﺎع ﻋلى أن مصطلح ''ﻋصر اﻟﻨﻬﻀﺔ'' ﻳﺸير إلى ﺗﻐير ﻋﻤﻴﻖ وداﺋﻢ وﺗﺤﻮل في اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ واﻟﻔﻦ والمجتمع في أوروﺑﺎ ﻣﺎ ﺑين سنتي 1400م و1600م. واﻟﻜﻠﻤﺔ ﺗﺸير إلى ﻓترة ﻣﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ، وإلى ﻧﻤﻮذج أﻛﺜﺮ ﺷﻤﻮﻻ ﻣﻦ اﻟﺘﺠﺪد اﻟﺜﻘﺎفي، وﻫﻲ ﻣﺸﺘﻘﺔ ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺔ ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ ﺗﻌﻨﻲ ''إﺣﻴﺎء''. وﻣﻨﺬ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋشر، اﺳﺘﺨﺪم ﻫﺬا المصطلح ﻟﻮﺻﻒ ﻓترة ﻣﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻷوروﺑﻲ ﺷﻬﺪت إﺣﻴﺎء اﻟﺘﻘﺪﻳﺮ اﻟﻔﻜﺮي واﻟﻔﻨﻲ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ-اﻟﺮوﻣﺎﻧﻴﺔ، واﻟﺬي أدى إلى ﻇﻬﻮر المؤسسات اﻟﻔﺮدﻳﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪد ﻫﻮﻳﺔ الكثيرين في اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻐﺮﺑﻲ اﻟﻴﻮم.
ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﺮى ﻣﺆرﺧﻮ اﻟﻔﻦ أن ﻋصر اﻟﻨﻬﻀﺔ ﻳﺒﺪأ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋشر، ﻣﻊ ﻓﻦ ﺟﻮﺗﱡﻮ وﺗﺸﻴﻤﺎﺑﻮ، وﻳﻨﺘﻬﻲ في أواﺧﺮ اﻟﻘﺮن اﻟﺴﺎدس ﻋشر ﺑﺄﻋﻤﺎل ﻣﺎﻳﻜﻞ أﻧﺠﻠﻮ، ورﺳﺎﻣﻲ البندقية ﻣﺜﻞ ﺗﻴﺘﻴﺎن. وﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى، ﻳﺘﺒﻨﻰ اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن في ﻣﺠﺎل اﻷدب في اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻷﻧﺠﻠﻮ-أﻣﺮﻳﻜﻲ ﻣﻨﻈﻮرًا ﻣﺨﺘﻠﻔًﺎ، فيركزون ﻋلى ﻧﺸﺄة اﻷدب اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺎﻣﻴﺔ في القرنين اﻟﺴﺎدس ﻋشر واﻟﺴﺎﺑﻊ ﻋشر في ﺷﻌﺮ ودراﻣﺎ ﺳﺒﻨسر وشكسبير وﻣﻴﻠﺘﻮن. أﻣﺎ المؤرخون، ﻓﻴﺘﺒﻨﻮﱠن ﻧﻬﺠًﺎ ﻣﺨﺘﻠﻔًﺎ، ﺣﻴﺚ ﻳﻄﻠﻘﻮن ﻋلى اﻟﻔترة ﻣﻦ ﺣﻮالي 1500م إلى 1700م ''أواﺋﻞ اﻟﻌصر اﻟﺤﺪﻳﺚ''، ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ''ﻋصر اﻟﻨﻬﻀﺔ''. وﻗﺪ ازدادت ﺣﺪة ﻫﺬه اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت في ﺗﺄرﻳﺦ — وﺣﺘﻰ ﺗﺴﻤﻴﺔ — ﻋصر اﻟﻨﻬﻀﺔ ﻟﺪرﺟﺔ أﺛﺎرت اﻟﺸﻜﻮك في ﺻﺤﺔ ﻫﺬا المصطلح؛ ﻓﻬﻞ ﻻ ﻳﺰال ﻟﻠﻤﺼﻄﻠﺢ أي ﻣﻌﻨﻰ؟ وﻫﻞ ﻣﻦ الممكن ﻓﺼﻞ ﻋصر اﻟﻨﻬﻀﺔ ﻋﻦ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﻮﺳﻄﻰ اﻟﺘﻲ ﺳﺒﻘﺘﻪ وﻋﻦ اﻟﻌصر اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺬي ﺗﻼه؟ وﻫﻞ ﻫﺬا المصطلح ﻳﺪﻋﻢ اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﺎﻟﺘﻔﻮق اﻟﺜﻘﺎفي اﻷوروﺑﻲ؟ ﻟﻺﺟﺎﺑﺔ ﻋلى ﻫﺬه اﻷﺳﺌﻠﺔ، ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻔﻬﻢ أوﻻ ًﻛﻴﻒ ﻇﻬﺮ ﻣﺼﻄﻠﺢ ''ﻋصر اﻟﻨﻬﻀﺔ'' إلى اﻟﻮﺟﻮد.