Options d’inscription

قضايا النص الشعري المغاربي الحديث والمعاصر
L3

خصوصية المكان ومكانة الإبداع :

      عرف النص الشعري المغاربي و بحكم التحولات التاريخية والحضارات المتعاقبة على المغرب الكبير وبحكم موقعه الاستراتيجي بين أوروبا وإفريقيا والمشرق موقعا متميزا ثقافيا مختلفا معرفيا مايزه عن باقي الثقافات المحيطة . وكان لذلك أثر بالغ في طبيعة الإبداع الأدبي والشعري على الخصوص ، وقد أخذ لنفسه مكانة وسمة مكنته من الظهور على المستوى العالمي كأدب مختلف له خصوصيته وطابعه الخاص 

بين ثقافتين الشرق والغرب  :

    وما يهم حقا هو الإجابة على سؤال الخصوصية الجمالية والفنية التي يتمتع بها كأدب مختلف عن نظيره المشرقي الذي طالما اتهم بتقليده والتبعية له . والأمر هنا لا يتعلق بالمنافسة كما يرتئي البعض وإنما بثراء الأدب العربي وسعة استيعابه لفسيفساء العالم العربي الثقافية والاجتماعية واللهجية . والتأثر بالأدب المشرقي في فترات مختلفة لا  يمنع بتاتا تطور الأدب المغربي من داخله كما يشهد بذلك تاريخه.

     ولأجل التخلص من التبعية للأدب المشرقي ومواكبة الغرب الحضاري لجأ الأدباء المغاربة إلى الفرنسية كبديل للتقليد ورغبة في التجديد من جهة وكحتمية في ظل الاستعمار الذي فرض الفرنسية كواقع لغوي . ومن هنا ظهرت روايات وشعر باللغة الفرنسية لأدباء مثل إدريس الشرايبي والطاهر بن جلون ومحمد عزيزة ومولود فرعون ومولود معمري ومحمد الديب وغيرهم من المغرب وتونس والجزائر وارتقوا بهذا الأدب إلى  مصاف المقروئية العالمية .

ونقصد بالأدب المغربي عموما ذلك الأدب الذي يجمع الأقطار المغربية الجزائر والمغرب وتونس وليبيا وموريتانيا ويتميز بخصوصية ثقافية وحضارية مختلفة عاشت تجارب حياتية واجتماعية مشتركة منذ ردح من الزمن . وإن دان مصطلح الأدب المغاربي الحديث لفترة الخمسينيات من القرن العشرين مع بداية التحرر وظهور الحركة الروائية المغاربية ضمن سلسلة le Seuil  الفرنسية التي ألهبت منارات الفن الروائي مع مولود معمري والديب وفرعون وخير الدين المغربي .

وفي النهاية يعبر الأدب المغاربي الحديث عن منطقة تمتلك خصوصية تاريخية وثقافية وامتداد حضاري بطرق فنية تتناسب مع هذه الخصوصية ، وإذا كانت العربية هي حجر الزاوية في هذا الإبداع والدين رافدها الأكثر تجذرا  فإن ارتباطها بالمركز الثقافي المشرقي أمر طبيعي لا يشكل أي تعارض مع الغاية المرجوة من الحداثة والتحديث بل تعتبر ضمانة الانتماء والهوية . وحتى الكتابة بالفرنسية في ظل المفاهيم التفكيكية لا تعد تهديدا لهذه  لهوية العميقة .

Les visiteurs anonymes ne peuvent pas accéder à ce cours. Veuillez vous connecter.